![](https://i0.wp.com/i22.photobucket.com/albums/b329/Ash90/TDKR.jpg)
The Dark Knight يقدّم لنا نظرة ثاقبة حول حضارتنا و تعريفها لمفهوم البطل العصري , من هو البطل في زمننا هذا بالنسبة للشعب ؟ هل هو السياسي المرشّح ؟ أم الإرهابي المسلّح ؟ أم الفارس المقنّع! من منهم نحتاج لتثبيت إيماننا على إستمرارية وجود الخير في مدينة مليئة بصرخات المظلومين و ضحكات المجرمين , سياسي يتوعّد بالمدينة الفاضلة ؟ أم إرهابي يضامر لإثبات زيف أقنعة المثالية ؟ أم مقنّع لا نعرفه فلا تسنى الفرصه للتمثل به!
إن سيناريو كريستوفر نولان مليئا بالفلسفة الأخلاقية و الإختيارات المصيرية التي نقوم بها في الحياة , و كيف الظروف الشخصية المحيطية قد تأثر في مبادئنا و منهجنا الحياتي المرسوم في خيالنا فننخدع و بكل حماقة نصدق متناسين بشريتنا و عدم كماليتنا الذين يمثلوننا بجمالنا و قبحنا , الفيلم كما شاهدت لم يكن من بطولة من أخذ لقب إسم الفيلم (باتمان) , و لم يكن لتلك الشخصية التي صنعت قاعدة جماهيرية مرعبة حتى قبل صدور الفيلم (الجوكر) , إنما كان هارفي دينت , لأنه الوحيد الذي شعرت ببشريته بين جميع شخصيات العمل , و إستعمل بقية الشخصيات كشخصيات رمزية تمثّل طريقا مختلفا في الحياة بحيث مثّل باتمان الخير في حين جّسد الجوكر الشر .
لنقف قليلا عند شخصية الجوكر , فتلك الشخصية معقدّة و متقنة التركيب , ليس من أجل إتقان هيث ليدجر المذهل للدور إنما لبناء كريستوفر الدرامي لهذه الشخصية حيث جعل من الجوكر رمز لكل ماهو شرير و بشع و قبيح و مضحك في هذه الحياة! تارة من كلماته الرنانة في إذن المشاهدين , و تارة لقصصه الغريبة حول الجدية و الإبتسام , و تارة لشكله القبيح , و أخيرا لعشقه و تلذذه بالشر فقط من أجل المتعة , إن طرح شخصية الجوكر كإرهابي خطير كانت من أجمل اللفتات الواقعية الدرامية التي زرعها كريستفور بكل جرأة في تلك الشخصية الهزلية البهلوانية التي أرغمت نفسها ككابوسا سينمائيا جديدا و كلاسيكيا في نفس الوقت .
هيث ليدجر كان نجم طاقم التمثيل , فلو جعلوا الفيلم مقتصرا على مشاهده المرعبة فقط لإكتفيت بهذا القدر , بعيدا عن أي شفقة و أي تعاطف , هيث ليدجر يستحق ترشيحه الثاني لأكادمية الأوسكار , فهي تفخر بوجود مثل هذا الدور الغير مفتعل في قائمتها التاريخية , بقية الطاقم لم يستطيعوا مجاراته بالتأكيد , فبعضهم قدّم أداءا متوسطا ( كريستيان بيل و آرون إيكارت ) و بعضهم قدّم أداءا سيئا ( ماجي جيلينهال ) فلم ينفع الشخصية أبدا تغيير كيتي هولميس ( السيئة أيضا في Batman Begins ) , مهما كان السبب .
يستمر الفيلم في إبهارك في بقية التفرّعات السينمائية , فالتصوير السينمائي تفوق بكل جدارة على ذلك التصوير المذهل الذي تواجد في الجزأ الأول , و لم يتوقف عشقي لهذا الفيلم هنا فقط , فالجانب الصوتي في الفيلم ( سواء الموسيقى التصوير أو الهندسة الصوتية ) هو أحد تلك الأسباب أيضا , فروح جوثام كانت موجودة هناك في الفيلم بظلامها و ظلمها , فقد خلق كريستفور الأتموسفير المناسب لفيلم باتمان المثالي .
The Dark Knight فيلم دراما\جريمة ممتاز و واحد من أفضل أفلام عام 2008 , لا يصل لمرحلة التضخيم و التمجيد المنتشر بين الجمهور , و لا تدع هذا التسويق الأسطوري للفيلم أن يجعلك في صدد توقّع عرّأب الألفية , فقط إستمتع بواحد من أفضل أفلام الجريمة من سنوات طويلة .
9,25\10